ثورة عارمة لمستخدمي الإنترنت !! هكذا جائت العناوين الرئيسية في الصحف الصادرة اليوم .
الغضب عارم عارم في عموم البلاد خصوصاً في الوراق ، باب زويلة و شارع شهاب !! و قد علق
كل الشباب و الفتيات في رقابهم لافتات كتب عليها "ضد الإنترنت المحدد "!!. و قام خمسة ملايين
مستخدم للإنترنت في مصر ( من أصل 10و532و400 مستخدم للشبكة العنقودية وفقاً للتقديرات الرسمية )
بالتوقيع على وثيقة تعلن مقاطعتهم للشركتين إياهم !!.. طبعاً هذا كله في المشمش فموضوع (ثورة النت)
حتى اللحظة ليس سوى بضع شعارات هنا و هناك في جروبات قليلة العدد و قليلة الأعضاء على الفيس بوك.
السؤال البديهي لما يُرفع شعار رنان طنان مثل " نعبر للمستقبل " ، في حين أن مقص الرقيب هو الذي يعبر
و يقفز. الله أعلم كيف يكون العبور في عصر الثورة المعلوماتية ( مثلما تكتب الجرائد الرسمية و تخرج علينا التصريحات الرسمية ) ، في حين أنه يتم الحجب و القص و تحجيم الإنترنت وفقاً للمزاج الحكومي . زمان في
الحكم و الأمثال قيل : " الشيء بالشيء يُفهَمُ" ، لكي نفهم النصب الذي يتعرض له المواطن من شركات التي
تقدم خدمة الإنترنت ، يجب أن نستعرض سياسية الحكومة المصرية في التعامل مع ظاهرة الإنترنت نفسه .
**********************************
دخلت مصر رسميا في عصر المعلومات عام 1993 ، حين قدمت و لأول مرة خدمة الإنترنت و كانت من
أوائل الدول العربية في هذا المجال ، لكن حينها كانت أعداد مستخدمي الإنترنت محدودة و لم يتجاوز العدد
400,000. في عام 2001 كانت نسبة مالكي الحاسوبات في مصر نحو 1.55% من إجمالي عدد السكان ،
مما جعل مصر تحتل المرتبة السادسة عربياً من حيث نسبة مالكي الحواسيب و هي نسبة متدنية ، بالمقارنة
بالنسبة العالمية التي تبلغ 8.42% . على الرغم من السياسة الحكومية المعلنة بتشجيع إمتلاك أجهزة
الحاسوب ( الكومبيوتر ) فإن نسبة مستخدمي الإنترنت بقيت منخفضة ( حوالي 12.9%) . بإدخال مصر
نظام الإيه دي إس إل . زاد عدد مستخدمي الإنترنت عقب إعلان الحكومة لمبادرة الإنترنت المجاني في
يناير 2002 و " حاسوب لكل بيت " ، مما مكن عدد لا بأس به من المصريين من شراء حاسوبات بنظام
التقسيط ، على الرغم من إرتفاع نسبة الأمية في مصر التي تصل لنحو 50%.(1)
عام 2004 ، تزايد عدد مستخدمي الشبكة العنقودية بشكل مطرد، فوصل عدد المشتركين في
خدمة الإنترنت نحو 427,100 في ديسمبر 2008 و هو ضعف عدد المشتركين في 2007 .
وصلت نسبة الحاسوبات المتصلة بالإنترنت لكل 1000 مصري نحو 0،28 حاسوب ، مقارنة
بالمتوسط العالمي الذي يصل إلى 23،27 حاسوب متصل بالشبكة لكل 1000 شخص.(2)
. رسميا ً كانت هنالك قيود تمارس على حرية إستخدام الإنترنت .
فقد صرح المهندس رأفت رضوان رئيس مركز المعلومات و دعم إتخاذ القرار : "
يجب مراقبة مقاهي الإنترنت . في كل نشاط توجد العناصر الحسنة و العناصرالسيئة .
يجب أن توضع عدة قيود و تحكم مركزي على المعلومات المتدفقة عبر الشبكة و التي
قد تكون ضد المبادىء المصرية . يجب أن تقوم شعبة المكافحة بوزارة الداخلية بدورها
في مراقبة مقاهي الإنترنت . (3)
الظهور الإعلامي الأول لشعبة مكافحة جرائم الحاسوب و الإنترنت ( المعروفة إختصاراً
بأسم شرطة الإنترنت ) كان على صفحات الصحيفة الأهرام الشبه رسمية في الخامس من
مارس 2004 ، فقد ذكر أسم الشعبة لأول مرة في خبر عن القبض على مبرمج قام بإنشاء
موقع إلكتروني ينتقد فيه مسئول كبير و أسرته . كان هذا هو الذكر الأول لنشاط هذه الشعبة
لكنها لم يكن نشاطها الأول بطبيعة الحال . فمنذ 2001 بدأت الشرطة المصرية بالتضييق على
مستخدمي الإنترنت ، و بحلول نهاية 2003 و تحت ذريعة ( سوء إستخدام الإنترنت ) تمت
مقاضاة عدة أشخاص من تيارات مختلفة من الإسلاميين ، الصحفيين ، النشطاء السياسيين و
مثلي الجنس .
في تقرير للشبكة العربية لحقوق الإنسان في 2003 ذكر مالك مقهى إنترنت ، الذي عرف نفسه
بإسم محمد الأتي :
قدم أحد الأشخاص و قال أن معاون المباحث يريد مقابلتي في الساعة العاشرة ليلاً ، حين ذهبت إلى
القسم وجدت العديد ممن أعرفهم من مالكي مقاهي الإنترنت . سألنا : " عندكوا ترخيص".
أجبنا : " لا يا باشا بس حنعملها" ، فأخبرنا أنه لا توجد مشكلة في ذلك ، لكنه طلب منا أن نقوم
بأخذ صورة للبطاقة الشخصية لأي زبون يرتاد المقهي ، و مراقبة المواقع التي يزورها. فبدأت اسأل
الزبائن عن بطاقتهم الشخصية فكانوا يرفضون و يغادروا المكان ، لذا قررت التوقف عن هذا الإجراء
حتى لا أخسر زبائني .
الجنس ، الدين و السياسة هذه هي أضلاع مثلث الممنوعات في الوطن العربي عموما ً ، في مصر
يضاف ضلع آخر و هو الفساد ، فمربع ( الجنس ، الدين ، السياسة و الفساد ) هو مربع الممنوع
من التداول . و تحت ذرائع تراوحت من " الأمن القومي " إلى " الحفاظ على قيم المجتمع " و
" إزدراء الأديان " قامت السلطات المصرية بإعتقال عدد من مستخدمي الإنترنت في ظروف
غير عادية و اجرائات غير قانونية .
فمنذ 2001 و حتى نهاية 2003 ، أعلن رسمياً عن اعتقال نحو 46 شخص عبر الإنترنت
بتهمة ممارسات جنسية مشينة شاذة مع رجال، لكن ووفق لصحيفة الوفد فإن الحقيقي يزيد عن
400 شخص من عدة أمكان و من خلال مواقع مختلفة.
1)
2) في يونيو 2002 ، في القضية 1412 المصنفة بجنايات السيدة زينب حكمت محكمة السيدة زينب بحبس
شهدي نجيب سرور ، نجل الشاعر الراحل نجيب سرور لمدة عام و تغريمه مبلغ 200 جنيه مصري ،
بعد أن أدانته بحيازة و نشر قصيدة سياسية ساخرة ، كتبها والده الراحل في آواخر السبعينات ، المحكمة
قالت أن القصيدة التي قام شهدي نجيب بنشرها على موقع بالإنترنت ( وفقاً لإدعاء المحكمة ) تخل
بالآداب العامة !!. يذكر أنه في أثناء تحقيق الشرطة في القضية ، أكتشف الآتي :
1.الحاسوب الوحيد الذي يمتلكه شهدي غير متصل بالإنترنت .
2. لم يتم العثور على أي نسخة من القصيدة على
الهارد ديسك الخاص بالحاسوب .
3.عثرت الشرطة على نسخة خطية من القصيدة ( و هو أمر طبيعي بما أن كاتب القصيدة هونجيب سرور
والد شهدي نجيب سرور )
و في العام نفسه حُكم أشرف إبراهيم بتهمة إرسال معلومات مضللة إلى جهات أجنبية ( المقصود بها
منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان ) عن إنتهاكات حقوق الإنسان في مصر . تقرير الشرطة لم يتناول
طبيعة المعلومات التي أرسلها أشرف إبراهيم أو المصدر الذي من خلاله تتبعت الشرطة هذه المعلومات ،
لأن في هذا إعتراف ضمني بإنتهاك القانون بالتجسس على البريد الإلكتروني لإبراهيم دون أي سند
قانوني أو إذن من النيابة .
يذكر أنه تمت تبرئة شهدي إبراهيم و ستة آخرين بسبب عدم ثبوت الأدلة .
3)
في الخامس من يونيو 2004 في محافظة المنوفية حكم على إثنى عشر من قيادات جامعة الإخوان المسلمين
بالحبس لمدة خمسة عشر يوماً على ذمة التحقيقات ، في إنتظار المزيد من التحقيقات من قبل محكمة أمن
الدولة العليا . مجموعة من المحتجزين كانوا من مدشني موقعة بوابة مصر على الشبكة العنكبوتية ، و هو
موقع يحتوي على آراء الجماعة ، بيانتها الصحافية ، و رسائل من مرشدها الراحل مأمون الهضيبي ، و قد
ذكر في حيثيات الإتهام أن الإخوان المسلمين يستخدمون برنامج بال توك في نشر أخبار الجماعة ، مبادئها
و إعلام أعضائها عن أنشطتها المختلفة.
منذ بداية 2007 زادت تخنيقات الحكومة المصرية و مراقبتها لشبكة الإنترنت تحت ذريعة محاربة
الإرهاب . بعد إلزام أصحاب المقاهي بالحصول على تصريحات من وزارة الإتصالات و قيامهم بمراقبة
رواد المقاهي و أخذ صورة من بطاقتهم الشخصية . و شهد الصيف الماضي المزيد من التخنيقات ،
و بالأخص على مستخدمي الشبكة اللاسيلكية ( واي فاي ) في الأمكان المختلفة ، حيث أصبح لزاماً
أن يقدم الزبائن أرقام هواتفهم النقالة و بعض البيانات الشخصية ، و هو ما يبعث على تساؤل عن
سبب هذه الإجرئات التي طبقت في كل الأمكان التي تقدم لزبائنها خدمة الواي فاي و مخاطرها على
حرية التعبير .
وفي 2008 أعتقل أكثر من مئة مدون تحت ذريعة " حماية الأمن القومي " .
في ظل قانزن الطواريء المعمول به منذ 1981 و الذي منع النقابات المختلفة من أي نشاط سياسي ،
و جرم حق الإنسان في التجمهر ، الإضراب و التظاهر السلمي ، أصبحت مواقع التعارف الإجتماعي
مثل الفيس بوك تقوم بدور شبيه لدور النقابات من حيث نشر البيانات المختلفة ، و تنظيم الإحتجاجات
الممنوعة طبقاً لقانون الطواريء.
1) جروب على موقع الفيس بوك بأسم "خليك في البيت " تجاوز عدد أعضائة 82,000 ، دعى
المصريون إلى البقاء في منازلهم في إضراب عام إحتجاجاً على سوء أوضاعهم المعيشية ، فيما
عرف بإضراب 6 أبريل 2008 و الذي شهد نجاحاً ملحوظاً و قد أدت هذه الاحداث
إلى إعتقال عدد من النشطاء من بينهم :
1) إسراء عبد الفتاح ، الناشطة بحزب الغد و مؤسسة الجروب الداعي لإضراب 6 إبريل ، التي
قضت أسبوعين في السجن بتهمة التحريض على الشغب و الدعوة إلى إضراب.
2) أحمد ماهر ، مهندس في السابعة و العشرين أعتقل و تم ضربه لمدة 12 ساعة من قبل الشرطة
في المحلة
3) كريم البحيري ، مدون أعتقل لمدة 73 يوم على خلفية مقالات قام بنشرها على مدونته
( عمال مصر ) ، تتعلق بحقوق العمال و الفساد الحكومي .
4) محمد مرعي ، مدون أعتقل لمدة ثلاثة أشهر بسبب مرافقته لمصور صحفي الأمريكي
يدعى جيمس بك .
بالإضافة إلى إعتقال آخرين :
1) ضياء الدين جاد صاحب مدونة صوت الغصب الذي أعتقل في السادس من فبراير
2009 من منزله بالقاطورة بمحافظة الغربية على خلفية مقالات نشرها في مدونته .
2) كريم عامر ( أسمه الحقيقي : عبد الكريم نبيل سليمان ) في 22 فبراير 2007 حكم عليه
بالسجن لمدة ثلاثة سنوات بتهمة إهانة رئيس الجمهورية و عام آخر بتهمة الإساءة للإسلام
ونبيه محمد –صلى الله عليه و آله و سلم- ،وإثارة الفتنة. يذكر أن كريم عامر الطالب السابق بكلية
الشريعة جامعة الأزهر كان قد تم فصله نتيجة لمقالات كتبها على مدونته أنتقد فيها الأزهر و شيخه .
كما تم إعتقال عدد آخر من المدونين على خلفية أحداث حصار غزة :
1) محمد عادل صاحب مدونة ميت الذي اقتحمت قوات الأمن المصري منزله في محافظة الدقهلية .
2) حسام يحيى مدون إخواني و صاحب مدونة ( صوت الحرية ) تم إعتقاله على خلفية نفس الأحداث .
3) خليفة عبيد صاحب مدونة (أنا مطحون ) و محمد خيري صاحب مدونة ( جر شكل ) بتهمة
" إستغلال المناخ الديمقراطي السائد و محاولة قلب مظام الحكم "!!.
4) حرم أحمد عبد القوي صاحب مدونة ( أكيد في مصر ) من حقه في السكن بالمدينة الجامعية
لجامعة القاهرة حيث يدرس الإعلام ، على خلفية كتاباته .
5) أعتقل بلال علاء من محافظة الغربية و صاحب مدونة ( البلد بلدنا ).
6) أعتقل المدون هاني نظير صاحب مدونة ( كارز حب ) و هو مدون مسيحي من قنا ،
بعد أن سلم نفسه لجهاز الأمن بعد إحتجاز أخويه و الحديث عن نية الدولة في إعتقال
إخوته البنات . إعتقال نظير عائد إلى حادثة بين بعض المسلمين و المسيحين بعد صدور
رواية " عزازيل " للدكتور يوسف زيدان ، التي أتهمها البعض بالتهجم على الدين المسيحي
و قابلها بعض المسيحيين بنشر رواية بأسم " تيس عزازيل في مكة ".
مؤخراً تم إعتقال المدونين : عبد الرحمن عايش صاحب مدونة ( خربشة الغريب ) و مجدي سعد
صاحب مدونة ( يالا مش مهم ) أثناء عودتهم من إجازة في تركيا ، و منذ عدة أيام تم توقيف المدون
وائل عباس و الإستيلاء بشكل قانوني على عدد من ممتلكاته الشخصية من بينها سيديهات و
عدد من الفلاشات .
في الآونة الأخيرة أعلنت الحكومة المصرية عن إعتزامها حجب عدد من المواقع التي سمتها " بالإباحية "
و هو ما نشر مخاوف من تجاوز القرار و القيام بحجم عدد من المواقع من بينها الفيس بوك و اليوتيوب و
المدونات بحجة أحتوائها على مواد إباحية .
يبقى أن نذكر أنه في تقرير أخير لمنظمة ( صحفيون بلا حدود ) معنون بأسم " أعداء الإنترنت" ،
صنفت مصر من ضمن 12 دولة وصفها التقرير بــــ(أعداء الإنترنت) و من بينها أربع دول عربية هي : مصر ، السعودية ، تونس ، و سوريا .
في الجزء التالي إن شاء الله سأتناول سياسة شركات الإنترنت في مصر .
0 من حقك تقول لكن مش من حقك تجور:
Post a Comment
جبلكوا كوباية شاي في الخمسينة كده عشان تركزوا
مش حنبقى محابيس و مساطيل
و ما ينطق من قول إلا لديه رقيب عتيد
دي قيم ربانية يا ريت نحافظ عليها