Wednesday 12 August 2009

أزمة الإنترنت في مصر الجزء الأول

ثورة عارمة لمستخدمي الإنترنت !! هكذا جائت العناوين الرئيسية في الصحف الصادرة اليوم .

الغضب عارم عارم في عموم البلاد خصوصاً في الوراق ، باب زويلة و شارع شهاب !! و قد علق

كل الشباب و الفتيات في رقابهم لافتات كتب عليها "ضد الإنترنت المحدد "!!. و قام خمسة ملايين

مستخدم للإنترنت في مصر ( من أصل 10و532و400 مستخدم للشبكة العنقودية وفقاً للتقديرات الرسمية )

بالتوقيع على وثيقة تعلن مقاطعتهم للشركتين إياهم !!.. طبعاً هذا كله في المشمش فموضوع (ثورة النت)

حتى اللحظة ليس سوى بضع شعارات هنا و هناك في جروبات قليلة العدد و قليلة الأعضاء على الفيس بوك.

السؤال البديهي لما يُرفع شعار رنان طنان مثل " نعبر للمستقبل " ، في حين أن مقص الرقيب هو الذي يعبر

و يقفز. الله أعلم كيف يكون العبور في عصر الثورة المعلوماتية ( مثلما تكتب الجرائد الرسمية و تخرج علينا التصريحات الرسمية ) ، في حين أنه يتم الحجب و القص و تحجيم الإنترنت وفقاً للمزاج الحكومي . زمان في

الحكم و الأمثال قيل : " الشيء بالشيء يُفهَمُ" ، لكي نفهم النصب الذي يتعرض له المواطن من شركات التي

تقدم خدمة الإنترنت ، يجب أن نستعرض سياسية الحكومة المصرية في التعامل مع ظاهرة الإنترنت نفسه .

**********************************

دخلت مصر رسميا في عصر المعلومات عام 1993 ، حين قدمت و لأول مرة خدمة الإنترنت و كانت من

أوائل الدول العربية في هذا المجال ، لكن حينها كانت أعداد مستخدمي الإنترنت محدودة و لم يتجاوز العدد

400,000. في عام 2001 كانت نسبة مالكي الحاسوبات في مصر نحو 1.55% من إجمالي عدد السكان ،

مما جعل مصر تحتل المرتبة السادسة عربياً من حيث نسبة مالكي الحواسيب و هي نسبة متدنية ، بالمقارنة

بالنسبة العالمية التي تبلغ 8.42% . على الرغم من السياسة الحكومية المعلنة بتشجيع إمتلاك أجهزة

الحاسوب ( الكومبيوتر ) فإن نسبة مستخدمي الإنترنت بقيت منخفضة ( حوالي 12.9%) . بإدخال مصر

نظام الإيه دي إس إل . زاد عدد مستخدمي الإنترنت عقب إعلان الحكومة لمبادرة الإنترنت المجاني في

يناير 2002 و " حاسوب لكل بيت " ، مما مكن عدد لا بأس به من المصريين من شراء حاسوبات بنظام

التقسيط ، على الرغم من إرتفاع نسبة الأمية في مصر التي تصل لنحو 50%.(1)

عام 2004 ، تزايد عدد مستخدمي الشبكة العنقودية بشكل مطرد، فوصل عدد المشتركين في

خدمة الإنترنت نحو 427,100 في ديسمبر 2008 و هو ضعف عدد المشتركين في 2007 .

وصلت نسبة الحاسوبات المتصلة بالإنترنت لكل 1000 مصري نحو 0،28 حاسوب ، مقارنة

بالمتوسط العالمي الذي يصل إلى 23،27 حاسوب متصل بالشبكة لكل 1000 شخص.(2)

. رسميا ً كانت هنالك قيود تمارس على حرية إستخدام الإنترنت .

فقد صرح المهندس رأفت رضوان رئيس مركز المعلومات و دعم إتخاذ القرار : "

يجب مراقبة مقاهي الإنترنت . في كل نشاط توجد العناصر الحسنة و العناصرالسيئة .

يجب أن توضع عدة قيود و تحكم مركزي على المعلومات المتدفقة عبر الشبكة و التي

قد تكون ضد المبادىء المصرية . يجب أن تقوم شعبة المكافحة بوزارة الداخلية بدورها

في مراقبة مقاهي الإنترنت . (3)

الظهور الإعلامي الأول لشعبة مكافحة جرائم الحاسوب و الإنترنت ( المعروفة إختصاراً

بأسم شرطة الإنترنت ) كان على صفحات الصحيفة الأهرام الشبه رسمية في الخامس من

مارس 2004 ، فقد ذكر أسم الشعبة لأول مرة في خبر عن القبض على مبرمج قام بإنشاء

موقع إلكتروني ينتقد فيه مسئول كبير و أسرته . كان هذا هو الذكر الأول لنشاط هذه الشعبة

لكنها لم يكن نشاطها الأول بطبيعة الحال . فمنذ 2001 بدأت الشرطة المصرية بالتضييق على

مستخدمي الإنترنت ، و بحلول نهاية 2003 و تحت ذريعة ( سوء إستخدام الإنترنت ) تمت

مقاضاة عدة أشخاص من تيارات مختلفة من الإسلاميين ، الصحفيين ، النشطاء السياسيين و

مثلي الجنس .

في تقرير للشبكة العربية لحقوق الإنسان في 2003 ذكر مالك مقهى إنترنت ، الذي عرف نفسه

بإسم محمد الأتي :

قدم أحد الأشخاص و قال أن معاون المباحث يريد مقابلتي في الساعة العاشرة ليلاً ، حين ذهبت إلى

القسم وجدت العديد ممن أعرفهم من مالكي مقاهي الإنترنت . سألنا : " عندكوا ترخيص".

أجبنا : " لا يا باشا بس حنعملها" ، فأخبرنا أنه لا توجد مشكلة في ذلك ، لكنه طلب منا أن نقوم

بأخذ صورة للبطاقة الشخصية لأي زبون يرتاد المقهي ، و مراقبة المواقع التي يزورها. فبدأت اسأل

الزبائن عن بطاقتهم الشخصية فكانوا يرفضون و يغادروا المكان ، لذا قررت التوقف عن هذا الإجراء

حتى لا أخسر زبائني .

الجنس ، الدين و السياسة هذه هي أضلاع مثلث الممنوعات في الوطن العربي عموما ً ، في مصر

يضاف ضلع آخر و هو الفساد ، فمربع ( الجنس ، الدين ، السياسة و الفساد ) هو مربع الممنوع

من التداول . و تحت ذرائع تراوحت من " الأمن القومي " إلى " الحفاظ على قيم المجتمع " و

" إزدراء الأديان " قامت السلطات المصرية بإعتقال عدد من مستخدمي الإنترنت في ظروف

غير عادية و اجرائات غير قانونية .

فمنذ 2001 و حتى نهاية 2003 ، أعلن رسمياً عن اعتقال نحو 46 شخص عبر الإنترنت

بتهمة ممارسات جنسية مشينة شاذة مع رجال، لكن ووفق لصحيفة الوفد فإن الحقيقي يزيد عن

400 شخص من عدة أمكان و من خلال مواقع مختلفة.

1)

2) في يونيو 2002 ، في القضية 1412 المصنفة بجنايات السيدة زينب حكمت محكمة السيدة زينب بحبس

شهدي نجيب سرور ، نجل الشاعر الراحل نجيب سرور لمدة عام و تغريمه مبلغ 200 جنيه مصري ،

بعد أن أدانته بحيازة و نشر قصيدة سياسية ساخرة ، كتبها والده الراحل في آواخر السبعينات ، المحكمة

قالت أن القصيدة التي قام شهدي نجيب بنشرها على موقع بالإنترنت ( وفقاً لإدعاء المحكمة ) تخل

بالآداب العامة !!. يذكر أنه في أثناء تحقيق الشرطة في القضية ، أكتشف الآتي :

1.الحاسوب الوحيد الذي يمتلكه شهدي غير متصل بالإنترنت .

2. لم يتم العثور على أي نسخة من القصيدة على

الهارد ديسك الخاص بالحاسوب .

3.عثرت الشرطة على نسخة خطية من القصيدة ( و هو أمر طبيعي بما أن كاتب القصيدة هونجيب سرور

والد شهدي نجيب سرور )

و في العام نفسه حُكم أشرف إبراهيم بتهمة إرسال معلومات مضللة إلى جهات أجنبية ( المقصود بها

منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان ) عن إنتهاكات حقوق الإنسان في مصر . تقرير الشرطة لم يتناول

طبيعة المعلومات التي أرسلها أشرف إبراهيم أو المصدر الذي من خلاله تتبعت الشرطة هذه المعلومات ،

لأن في هذا إعتراف ضمني بإنتهاك القانون بالتجسس على البريد الإلكتروني لإبراهيم دون أي سند

قانوني أو إذن من النيابة .

يذكر أنه تمت تبرئة شهدي إبراهيم و ستة آخرين بسبب عدم ثبوت الأدلة .

3)

في الخامس من يونيو 2004 في محافظة المنوفية حكم على إثنى عشر من قيادات جامعة الإخوان المسلمين

بالحبس لمدة خمسة عشر يوماً على ذمة التحقيقات ، في إنتظار المزيد من التحقيقات من قبل محكمة أمن

الدولة العليا . مجموعة من المحتجزين كانوا من مدشني موقعة بوابة مصر على الشبكة العنكبوتية ، و هو

موقع يحتوي على آراء الجماعة ، بيانتها الصحافية ، و رسائل من مرشدها الراحل مأمون الهضيبي ، و قد

ذكر في حيثيات الإتهام أن الإخوان المسلمين يستخدمون برنامج بال توك في نشر أخبار الجماعة ، مبادئها

و إعلام أعضائها عن أنشطتها المختلفة.

منذ بداية 2007 زادت تخنيقات الحكومة المصرية و مراقبتها لشبكة الإنترنت تحت ذريعة محاربة

الإرهاب . بعد إلزام أصحاب المقاهي بالحصول على تصريحات من وزارة الإتصالات و قيامهم بمراقبة

رواد المقاهي و أخذ صورة من بطاقتهم الشخصية . و شهد الصيف الماضي المزيد من التخنيقات ،

و بالأخص على مستخدمي الشبكة اللاسيلكية ( واي فاي ) في الأمكان المختلفة ، حيث أصبح لزاماً

أن يقدم الزبائن أرقام هواتفهم النقالة و بعض البيانات الشخصية ، و هو ما يبعث على تساؤل عن

سبب هذه الإجرئات التي طبقت في كل الأمكان التي تقدم لزبائنها خدمة الواي فاي و مخاطرها على

حرية التعبير .

وفي 2008 أعتقل أكثر من مئة مدون تحت ذريعة " حماية الأمن القومي " .

في ظل قانزن الطواريء المعمول به منذ 1981 و الذي منع النقابات المختلفة من أي نشاط سياسي ،

و جرم حق الإنسان في التجمهر ، الإضراب و التظاهر السلمي ، أصبحت مواقع التعارف الإجتماعي

مثل الفيس بوك تقوم بدور شبيه لدور النقابات من حيث نشر البيانات المختلفة ، و تنظيم الإحتجاجات

الممنوعة طبقاً لقانون الطواريء.

1) جروب على موقع الفيس بوك بأسم "خليك في البيت " تجاوز عدد أعضائة 82,000 ، دعى

المصريون إلى البقاء في منازلهم في إضراب عام إحتجاجاً على سوء أوضاعهم المعيشية ، فيما

عرف بإضراب 6 أبريل 2008 و الذي شهد نجاحاً ملحوظاً و قد أدت هذه الاحداث

إلى إعتقال عدد من النشطاء من بينهم :

1) إسراء عبد الفتاح ، الناشطة بحزب الغد و مؤسسة الجروب الداعي لإضراب 6 إبريل ، التي

قضت أسبوعين في السجن بتهمة التحريض على الشغب و الدعوة إلى إضراب.

2) أحمد ماهر ، مهندس في السابعة و العشرين أعتقل و تم ضربه لمدة 12 ساعة من قبل الشرطة

في المحلة

3) كريم البحيري ، مدون أعتقل لمدة 73 يوم على خلفية مقالات قام بنشرها على مدونته

( عمال مصر ) ، تتعلق بحقوق العمال و الفساد الحكومي .

4) محمد مرعي ، مدون أعتقل لمدة ثلاثة أشهر بسبب مرافقته لمصور صحفي الأمريكي

يدعى جيمس بك .

بالإضافة إلى إعتقال آخرين :

1) ضياء الدين جاد صاحب مدونة صوت الغصب الذي أعتقل في السادس من فبراير

2009 من منزله بالقاطورة بمحافظة الغربية على خلفية مقالات نشرها في مدونته .

2) كريم عامر ( أسمه الحقيقي : عبد الكريم نبيل سليمان ) في 22 فبراير 2007 حكم عليه

بالسجن لمدة ثلاثة سنوات بتهمة إهانة رئيس الجمهورية و عام آخر بتهمة الإساءة للإسلام

ونبيه محمد –صلى الله عليه و آله و سلم- ،وإثارة الفتنة. يذكر أن كريم عامر الطالب السابق بكلية

الشريعة جامعة الأزهر كان قد تم فصله نتيجة لمقالات كتبها على مدونته أنتقد فيها الأزهر و شيخه .

كما تم إعتقال عدد آخر من المدونين على خلفية أحداث حصار غزة :

1) محمد عادل صاحب مدونة ميت الذي اقتحمت قوات الأمن المصري منزله في محافظة الدقهلية .

2) حسام يحيى مدون إخواني و صاحب مدونة ( صوت الحرية ) تم إعتقاله على خلفية نفس الأحداث .

3) خليفة عبيد صاحب مدونة (أنا مطحون ) و محمد خيري صاحب مدونة ( جر شكل ) بتهمة

" إستغلال المناخ الديمقراطي السائد و محاولة قلب مظام الحكم "!!.

4) حرم أحمد عبد القوي صاحب مدونة ( أكيد في مصر ) من حقه في السكن بالمدينة الجامعية

لجامعة القاهرة حيث يدرس الإعلام ، على خلفية كتاباته .

5) أعتقل بلال علاء من محافظة الغربية و صاحب مدونة ( البلد بلدنا ).

6) أعتقل المدون هاني نظير صاحب مدونة ( كارز حب ) و هو مدون مسيحي من قنا ،

بعد أن سلم نفسه لجهاز الأمن بعد إحتجاز أخويه و الحديث عن نية الدولة في إعتقال

إخوته البنات . إعتقال نظير عائد إلى حادثة بين بعض المسلمين و المسيحين بعد صدور

رواية " عزازيل " للدكتور يوسف زيدان ، التي أتهمها البعض بالتهجم على الدين المسيحي

و قابلها بعض المسيحيين بنشر رواية بأسم " تيس عزازيل في مكة ".

مؤخراً تم إعتقال المدونين : عبد الرحمن عايش صاحب مدونة ( خربشة الغريب ) و مجدي سعد

صاحب مدونة ( يالا مش مهم ) أثناء عودتهم من إجازة في تركيا ، و منذ عدة أيام تم توقيف المدون

وائل عباس و الإستيلاء بشكل قانوني على عدد من ممتلكاته الشخصية من بينها سيديهات و

عدد من الفلاشات .

في الآونة الأخيرة أعلنت الحكومة المصرية عن إعتزامها حجب عدد من المواقع التي سمتها " بالإباحية "

و هو ما نشر مخاوف من تجاوز القرار و القيام بحجم عدد من المواقع من بينها الفيس بوك و اليوتيوب و

المدونات بحجة أحتوائها على مواد إباحية .

يبقى أن نذكر أنه في تقرير أخير لمنظمة ( صحفيون بلا حدود ) معنون بأسم " أعداء الإنترنت" ،

صنفت مصر من ضمن 12 دولة وصفها التقرير بــــ(أعداء الإنترنت) و من بينها أربع دول عربية هي : مصر ، السعودية ، تونس ، و سوريا .

في الجزء التالي إن شاء الله سأتناول سياسة شركات الإنترنت في مصر .

0 من حقك تقول لكن مش من حقك تجور:

Post a Comment

جبلكوا كوباية شاي في الخمسينة كده عشان تركزوا
مش حنبقى محابيس و مساطيل

و ما ينطق من قول إلا لديه رقيب عتيد

دي قيم ربانية يا ريت نحافظ عليها