منذ ما يقارب الأسبوع ,و أنا أحاول أن أتبين كيف سأكتب عن هذا الموضوع تحديداً . فالأمر يتعدى بعض المطالب الفئوية ..الأمر هاهنا يطال الإنسان .. بوجه ، بروحه ، بكينونته ... بهويته .
-أأكتب بالعربية أم بالإنجليزية ؟
لا العربية ، فهي اللغة التي يتحدث بها المرء إلى نفسه و يخاطبها .
-ما الإحصاءات التي سأدرجها ؟؟
كيف كيف ؟؟
فقد أختاروا لك أسماً مرتبطاً بهذه الأرض دون غيرها ، مرتبط بهذه القبة المطهرة التي تتماوج أشعتها الذهبية في قلوب مريديها .
أنت إنسان ... إذن فمن الطبيعي أن تهاب نفسك مشاهد القتل . و تتألم لرؤية الإنسان في أقوى صور القهر ، وحده واقفاً أعزل في وجهة فوهة الآلة العسكرية , التي لا ترحم .
أنت عربي ... إذن فقد ولدت بقلبٍ مثقوب !! .. قلب أثقلته هذه القضية . كلما كبرت زادت الخطى على جرحك ، الذي لم يندمل ... لأن الجرح الفلسطيني لم يندمل ... بل أزداد عمقاً و هوةً .
أن تتماهى مصريتك مع عروبتك .. فهذا الججيم بعينه !!.
فأنت الممثل الموهوب الذي يؤدي الدور القذر على خشبة المسرح العالمي ..فيما يحتجب المخرجون و كاتبو السيناريو خلف الستار ، الذي رُفع عن أكبر سجن في العالم . و طناً مسجون .. فوهة يحدها البحر المسيج و السماء الموصدة و الأسورا و الأسلاك الشائكة التي شطرت الإنسان العربي .. ووضعت فواصل تأن تحت وطئتها الأرض...و أنتهت بالجدار الفولازي .
فكم من الأطفال ، الأمهات و الأسر أنشطرت حيواتهم على سندان السياسات و مطارق تلك الفواصل اللإنسانية؟ .
ألف يوم أتمتها غزة ... و لا لم تكن من السنون الوردية و الأحلام المخملية ..غزة اليوم 9 مارس\إذار 2010 أتمت في عمر الحصار و الأبواب الموصدة و المنع و التنكيل بشعب ـجل ما يريده هو العيش بكرامة من الأيام ألفاً و من السنون ثلاث.
من العار أن نعيش هذا اليوم ، الذي هوينا فيه بالقضية الفلسطينية من مطلب تحرير شعبي ، إلى فتح المعابر و ضخ السولار ، و نقل المصابين و المرضى من غزة لمصر للعلاج !! .. أأصبح سنا الاماني هو فتح معبر رفح ؟؟؟
فأيما عار هذا .
لإسرائيل حججها ..و قد سجلتها على أشرطة عتيقة تعيدها و تذيعها مراراً و تكراراً ..طيلة ستين عاماً .. ألم نحفظها عن ظهر قلب ؟؟
أما الحجج المصرية فهي النقلة النوعية .. باختصار الحكومة المصرية تتحجج بإتفاقية المعابر التي لم تكن – هي – طرفاً فيها ...و تلقي بالكرة في أستادي رام الله و غزة !! .
و تجعل من الفرقة الفلسطينية ، و انقسام السلطة في رام الله و الغزة .. المقبرة التي تدفن فيها شعب غزة !! .
بكلمات أكثر و بشرح أوضح .. إتفاقية معبر رفح المبرمة بين إسرائيل ، السلطة الفلسطينية و الإتحاد الأوروبي و التي بموجبها تم تحديد وضع المعابر و المنافد البرية و البحريةو الجوية للأراضي الفلسطينية المحتلة و من بينها القطاع ..و الإتفاقية التي من المفترض أن ينتهي العمل ببنودها في العام 2007 و يتفق على بنود جديدة ..
الإتفاقية بما تحمله من بنود مهينه و مخزية ..هي صرخة في وجه كل أصحاب نغمة : " السيادة المصرية " ..لأنه و بإختصار لا سيادة مصرية من الأساس .. فدولة لا تمتلك حق في إدارة معابرها ....فليذهب ساستها إلى الجحيم !!. لأنهم مدعون و كاذبون.
النظام المصري الذي لم يتوانى يوماً عن بيعنا في سوق نخاستهم .. الذي لم يتصدر للدفاع عنا في مظلمةً ( قضية الأسرى المصريين خير دليل على إهدار الكرامة المصرية التي يزعمون الدفاع عنها ) ..النظام الذي يبيع إسرائيل الغاز الطبيعي بثمن بخس ، فيما يتعفف المصريون اسطاوانات الغاز في فصل الشتاء .النظام الذي نصب نفسه إلهاً ..و تذرع دوماً بالأمن القومي المصري ، و القرارات السيادية .. و لا أدري عن أي أمن نتحدث : أمننا أم أمن النظام و أستمراره ؟؟ .. فالنظام المصري ينفق الملايين على الدعاية في الخارج ..و لو أنفقت الدعاية في الداخل لكان أجدى و أولى !!.
أفلا يتجرأ هذا النظام ألا يوف بعهود قطعها لجهات أجنبيه و هو الذي لم يستح يوماً أن ينقض كل عهوده و وعوده لنا !!....و دائماً ما كانت عهودهم لا إنسانية ..أفلا ينقضوا مرة عهداً من أجل الإنسانية .
أيا وطناً باعوك " بالتجزئة " على أنغام الموسيقى الخافتة ، الحفلات الراقية ، و حمرة الشفاة و قرع الكؤوس ...
باعوا غزة و أهلها ..و باعوا مصر و سكانها ..... و باعوا الإنسان و كرامته .....
مليون و 600 ألف فلسطيني مسوجون ...في الظلام الدامس و تحت وقع القنابل و الفقر و العوز ..و حصار الأشقاء و أقتتال الإخوة ..و لا يظهر في أفقهم سوى مقبرةً عربية من الرخام الأبيض و التي تفوق في فخامتها أضرحة الفاتحين !! ..كل يوم تزداد المقبرة حجرة ...فهل سيتم هذا القبر المشيد؟؟ .
حكامنا يريدوننا " ضحايا بائسون " ..نشق صدورنا و نضرب جيوبنا ، و نحف التراب ..و نحمل النذور و الصدقات لأضرحة موتانا , لنصبح- نحن و هم – أمواتاً و نخلي بينهم و بين عروشهم .
و ما علينا سوى الإختيار بين إنتهاج طريق الأحرار و المقاومة ...تشييد الأضرحة و البكاء عند أعتابها ؟ .
و إلى أولئك النفر ، مروجي السلام الزائف و الأمن الكاذب ..ألا يكفينا 60 عاماً ؟؟
إسرائيل التي زرعت بيننا ، فأصبحت أخدوداً يفصلنا ..و منذ 1948 و نحن معلطون .. نرقبها في كل تصرف .. نرتابها في كل أمر ..تلك الدولة التي ترقب نقاط ضعفنا لتنفذ لنا منها .. تلك الدولة التي تقف على أعتاب وطننا
طامعةً في مواردنا .. تلك الدولة التي قتلت أسرانا من الرجال ..و شردت أسرنا ..و قتلت أشقائنا ..و بعثرتهم في أرجاء المعمورة ..و التي لم نصنع يوماً إلا بيد واحدة فيما اليد الاخرى تحمل درعاً تردأ به مكرها .
سيقولون ها نحن أبناء عم
سيقولون جئناك كي تحقن الدم
كن يا أمير الحكم
قل لهم : أنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك !!
و أغرس السيف في جبهة الصحراء
إلى أن تجيبك الجماجم و الجثث
كيف تخطو على جثة ابن أبيك
و كيف تصير المليك
على من حكموك
كيف تنظر في عيني إمرأة
أنت تعرف أنك
لا تستطيع حمايتها
ألف يوم من الحصار ...و تبقى غزة صامدة ....و تبقى غزة في القلب